وتعتبر منطقة إدلب من أحدى أكثر المناطق تعقيداً وخطورة في الشرق الأوسط، حيث أصبحت نقطة لتقاطع مصالح العديد من القوى الإقليمية والدولية.
ومع استمرار المعارك والاشتباكات بين النظام السوري المدعوم نارياً وجوياً من روسيا، وما بين الفصائل المرتزقة المدعومة من تركيا، يتعرض المدنيون في إدلب لقصف جوي عشوائي من قبل الطائرات الروسية، مما أدى لنزوح 235 ألف شخص خلال نحو أسبوعين جراء التصعيد العسكري الأخير.
وفي السياق ذاته اعتبر القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي، أن ما يحدث في إدلب جزء من مشروع أردوغان لتدمير المنطقة، داعياً إلى وضع حد للمتاجرين بدماء ومنازل السوريين، ووقف هذه الحرب المدمرة وبناء مظلة تجمع كل القوى الوطنية التي تحمي المواطنين وتحفظ كرامتهم.
كما أكد مظلوم عبدي أيضاً على أنه بإمكان الأهالي والمدنيين في إدلب التنسيق مع القوى العسكرية الإدلبية المنضوية تحت راية قوات سوريا الديمقراطية للتوجه إلى مناطق الإدارة الذاتية، وقال: " أبوابنا مفتوحة لأهلنا في إدلب".
وفي ذات الصدد أجرت وكالة فرات للأنباء لقاءً مع عدد من نازحي إدلب الذين توجهوا إلى مناطق قوات سوريا الديمقراطية بعد دعوة القائد العام مظلوم عبدي، حيث كان مخيم أبو قبيع الواقع جنوب مدينة الرقة على ضفاف نهر الفرات الوجهة الوحيدة لعدد من أهالي إدلب.
وتحدثت النازحة إلهام زرعة من معرة النعمان لوكالة فرات (ANF) عن المعاناة التي يعيشها النازحين في إدلب جراء القصف وقالت في مستهل حديثها: إن "القصف على إدلب كان بمثابة كابوس، فلم يُفارق الطيران الروسي سماء المدينة وكان يستهدف المناطق المكتظة بالسكان ويعتمد سياسة الأرض المحروقة للاستيلاء على بقعة من أراضي إدلب".
وأضافت إلهام زرعة "إثر القصف العشوائي على المناطق توجه الآلاف من أهالي إدلب إلى المناطق التي بقت بمنأى عن القصف، ولكن فصل الشتاء لم يرحم النازحين من الأطفال والشيوخ الذين افترشوا العراء في ظل تقاعس المنظمات الإنسانية، ولذلك قررنا التوجه إلى منطقة شرق الفرات لأنها منطقة آمنة ومستقرة، خاصة بعد أن فتحوا لنا أبوابهم".
وناشدت إلهام زرعة، بدورها كافة المنظمات الإنسانية العالمية للوقوف بوجه من يحاول القضاء على السوريين، عبر القصف العشوائي المستمر على إدلب.
كما تحدث النازح المسن أحمد الفايق حول مرارة النزوح، قائلاً:" كنا في بلدنا أمنيين مستقرين ولكن القصف العشوائي أباد البلدة التي كانت حياتنا، فكان القصف العنيف مستمر على أطراف البلدة، وأنا رجل مسن برفقتي زوجتي المسنة لا نستطيع الحركة بسرعة فافترشنا في مناطق نائية بحثاً عن استقرار وأمان".
وعبرت زوجة المسن أحمد الفايق، إلهام المحمد، عن حزنها على مسقط رأسها وقالت: "بلدتي معرة النعمان بلدة جميلة جداً وكان لدينا بيتاً وأرضاً كنا نعيش فيها آمنيين أنا وزوجي المسن، ولكن الطائرات الروسية لم تترك لا بشر ولا حتى حجراً وإلا دمرته بشكل وحشي ماذا يريدون منا؟ نحنُ مدنيين أبرياء ولا نريد سوى الاستقرار والعيش الكريم".
واختتمت إلهام المحمد حديثها قائلة: "نناشد منظمات حقوق الإنسان والمنظمات الدولية بوقف القصف على إدلب وقتل الأبرياء من أطفال وشيوخ ونساء بذرائع مختلفة".